السبت، 1 يونيو 2013

الهرتلة السياسية في مصر

إن ما يحدث الآن في مصر من "هرتلة" ما هو إلا إنتقام من الثورة، بل و من الفكر الثوري بشكل عام. فمن منا ينكر أن الإخوان، ولا أقول المسلمين، أعدهم النظام بقيادة السادات و حسني مبارك لكي يستأنفوا المسيرة الرأسمالية حال حدوث حالة تمرد و إنقلاب شعبي؟ و من منا ينكر فشلهم المطلق في الإدارة كان ذلك عمداً منهم أو غباء أو بغرض تكريه جموع الناس في الثورة؟

نعم عزيزي القارئ أقول غباء! فالسلطة تقول أن أزمة الكهرباء، على سبيل المثال لا الحصر، سببها نقص الوقود اللازم لتشغيل محطات الكهرباء. و لدي الآن سؤال، و لحسن الحظ أعلم إجابته مسبقاً: أين يذهب خذا الكم من البترول و الغاز الطبيعي الذي يستخرج كل يوم من باطن الأراضي و المياه الأقليمية المصرية؟



إن كنت لا تعلم كيف تدار شركات البترول في مصر، صديقي، دعني أخبرك نبذة عنها. شركات الحفر المملوكة للدولة أمثال قارون و بدر الدين و غيرها يجب أن تدخل في شراكة مع شركة أجنبية كشركة أباتشي على سبيل المثال. ولا أعلم ماهية الوجوب تلك على الشركات المصرية أن تدخل في شراكات مع شركات أجنبية. و يكون أجر تلك الشركة الأجنبية هي على الأقل 50% من الإنتاج، بحسب العقد المبرم مع الجانب المصري المتمثل في الهيئة لعامة للبترول.

هل أحتاج أن أوضح أن أغلب تلك الشركات أمريكية و أوروبية؟

و إذا سألت أي من أعضاء أو مؤيدي أو "مبرراتية" الإخوان، ستجد الإجابة الكلاسيكية التي يجيبون بها على جميع المعارضين: "إنها تركة نظام فاسد عانينا منه 30 سنة!".
صدق أو لا تصدق، أنا أتفق معهم في ذلك، فعلاً إن ما نعاني منه الآن هو تركة نظام إستبدادي عمره ستون و ليس ثلاثون، عاماً. إرتكب حماقات إقتصادية و سياسية عدة أدت لما نحن فيه من هبل إجتماعي و إقتصادي!

و لكن التدابير الوقائية و الإرتجاعية من تلك الأزمة ليست بصعوبة مادة الفيزياء في كلية الهندسة قسم القوى الكهربائية. فما الإعجاز أن تطرد الشركات المستحوذة على نصف إنتاجنا للبترول، مع العلم أنهم أخذوا حقهم "تالت متلّت" من البترول المصري. و نحقق بذلك ضعف إنتاج البترول. علماً بأن 90% من العاملين بالشركات الأجنبية تلك من المصريين و يديرونها بكفاءة و يحققون لها الأرباح.. إلخ؟

الإجابة إنه ليس إعجازاً على الإطلاق، و لكن ليس هناك إرادة لفعل ذلك. عن العمالة لرؤوس الأموال أتحدث. إذا كان الرئيس قد تمنى الرخاء و الإزدهار لدولة إسرائيل فهل هناك أي داعي لشرح العمالة مرة أخرى؟ أيريد لمبرراتية أن يققولوا أنه إرث النظام السابق في تلك أيضاً؟

أما عن "أزمة" الجنود الذين أختطفوا في سيناء، فهناك شقين أود الحديث عنهم: أولاً إذا كان الجنود، الذين هم من المفترض أن يكونوا مدربين للقتال و ما إلى ذلك، يختطفون و يعذبون، فما الذي من المفترض أن يجري للمدنيين؟ هذه الواقعة ما هي إلا إثبات واضح و صريح للنظرية التي عرضتها من قبل، والتي تقول إنه ليس لدي الدولة المصرية جيش يعتمد عليه حال المواجهة مع أي قوة خارجية. أما إذا كانت تلك النظرية خاطئة، يؤدي بنا هذا إلى الشق الآخر وهو أن كل هذه "الهيصة" لم تكن إلى إلهاء عن شيئ آخر، شيئ يمس حياتهم اليومية، مثل قانون جديد للضرائب على الدخول مثلما قرأ و علم الجميع. (قد تود أن تستعرض مقالي "لماذا يريد البعض عودة الحكم العسكري؟" لمعرفة رأيي كاملاً عن الجيش).


أما عن الوضع الإجتماعي، فحدث ولا حرج، لدينا مشكلة طائفية؟ بالقطع، هل هي حديثة؟ كلا، بل هي قديمة قدم التنوع الديني نفسه. ماذا فعل النظام لصدع المشكلة؟ لا شيئ، زادها سوءاً.

لدينا مشكلة طائفية تتجسد في لفظة، "متلعبش مع فلان ده مسيحي" لأطفال المدارس المسلمين. و تجلت أيضاً في "عايز أختي كاميليا"، والتي ظهرت بنفسها في فيديو قائلة أنها لم تحتجز في أي كنيسة، و لم يتم تهديدها و لم يتم إشذئها، و لم تشهر إسلاماً. و السؤال: ماذا يغني الإسلام إن أسلمت إمرأة؟ و ماذا يفقر الإسلام إن تنصّر رجل؟ و ماذا ينقص أو يزيد من المسيحية إذا تركها أو إعتنقها شخص؟ الإجابة "لا شيئ على الإطلاق!!". أصدق أن كل الأشخاص أحرار في إخيار ما يصدقونه من ديانات و ما لا يصدقون!! المصريون لم يتعلموا بعد ثقافة تقبل الآخر لإختلافه. و المشكلة هذه عاصرتها أنا نفسي لأسباب تتعلق بإني كنت من المحظوظين القلائل الذين تربوا في بيت ينعم بالإختلافات الدينية.

ماذا فعل النظام تجاه ذلك؟

أريدك، صديقي، أن تتخيل ماذا فعل النظام العبقري في مصر، و الذي من المفترض أن يعلم أبعاد الكارثة الإجتماعية تلك، بدلاً من أن يخفف وطأة الأزمة، وصف قيادات الحزب و الجماعة الإرهابية المتطرفة المستبدة جميع المتظاهرين يوم 4 ديسمبر 2012 بأنهم من الأقباط و بتمويل من الكنيسة المصرية. 

السادة أنصار الجماعة و، بالتالي، الرئيس سيقولون بالطبع أنه ليس للجماعة علاقة بالرئاسة و ما إلى ذلك.

و ماذا عن الوضع الإقتصادي؟

تعاني مصر الآن بسبب السياسات الإقتصادية المنحازة لرجال الأعمال و التي لم تتغير إلى الآن من ضعف شديد فيما يخص الإقتصاد. فأسعار السلع الأساسية في إزدياد مستمر؛ فقد إبتعت كيلو طماطم من أحد أسواق جنوب القاهرة بسعر 10 جنيهات للكيلو، رغيف الخبز ثمنه على الأقل 20 قرشاً؛ لأن الخبز المدعم "أبو 5 صاغ" لم يعد موجوداً بسبب نهب الدقيق للفنادق و محلات المخبوزات، ناهيك عن أن سعر كيلو اللحمة "النضيفة" وصل إلى 100 جنيه، و الدجاج ب40 جنيه. إذا كنت تسأل عن الحل، عزيزي القارئ، فقد طرحنا الحل منذ سنوات عدة و هو تسعيرة جبرية لكل السلع الأساسية مع مراعاة توفير الخامات و الظروف لأصحاب المشاريع الصغيرة.

الفقراء يزدادون فقراً و الطبقة الوسطى إنقرضت تقريباً، أما رجال الأعمال فأرصدتهم البنكية تزداد أصفارها. العمال يسرحون عن أعمالهم و يبرر رجال الأعمال ذلك بأنه "مفيش شغل بسبب الزفتة الثورة" ما علاقة الثورة بذلك؟ الناس لا يتوقفون عن ممارسة حياتهم و تجاراتهم بسبب الثورة؛ بل تعطلون أنتم أنفسكم الأعمال لسببين، أولاً، التحكم في الأسعار لزيادة المكاسب حينما تقل المنتجات و البضائع لشُح العمالة، و ثانياً، لكي تنتقموا من الشعب لقيامه بالثورة من الأساس. نقول لكم الآن أنكم نجحتم جزئياً في ذلك و لكن سياستكم الإحترازية ضد الثورة الإجتماعية ستكون هي نفسها مشنقتكم التي ستؤولون إليها يوم تغضب الجماهير. 
أنا أدعو الجميع للنزول إلى كل ميادين مصر في يوم 30 يونيو لإسقاط الإستبداد في مصر. بل و أدعو جموع المظلومين و المضطهدين في العالم للنزول يوم 30 يونيو ضد الرأسمالية. و لتكن تلك هي الثورة العالمية ضد الإستبداد و الظلم و الفقر و الجوع و الجهل و المرض.

لتسقط الرأسمالية بجميع أشكالها في كل مكان، و عاش نضال الجماهير المصرية.

لو عندك أي سؤال أو شتيمة اكاونت تويتر بتاعي: @alexanderawi

أو ابعتلي ايميل على: a_samakia@live.com

أو كلمني على فيسبوك بنفس الايميل.

الكلام ده بيعبر عن وجهة نظري الشخصية ولا يعبر عن وجهة نظر أي كيان أنتمي له.

عادل سماقية.




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق